السبت، يوليو 10، 2010

متناقضات ...


بقلم : عبد المجيد التجدادي
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) ــ توجه أحدنا إلى القضاء على عجل ، يريد الوكيل العام ليسأله ما العمل ، مع من أحدثوا في الحي منكر القول و العمل ، فتية منحرفون على رؤوسهم بدت علامات الزيغ و الزلل .


كان بناء المحكمة فخما مهيبا ، فخال في نفسه أنه يبعث في نفس الظالم الخوفَ ، و
في نفس المظلوم الأمل و الأمنَ . فتش عن مكان الوكيل العام فوجده عامرا ، بالموظفين يعج حركة و سعيا ، على مدخله علقت لافتة عريضة أن النيابة العامة هنا .


لاحت لصاحبنا فوق اللافتة ورقة تحذر من التدخين ، بالعقوبات المتنوعة حسب الجديد من القوانين ، و في عمق الممر ورقة أخرى مكتوب عليها ما أشرنا إليه قبل حين : ورقة تحذر من التدخين ، بالعقوبات المتنوعة حسب الجديد من القوانين . و في التكرار تأكيد و حزم و تصميم .


… و أسفل منها مباشرة لمح أحدَ أفراد الشرطة ، يفتش في جيوب بذلته الرسمية الأنيقة ، عن شيء ربما ذات أهمية ، فأخرج بعد لأي من أحد الجيوب سيجارة ، و بادره رفيقه على عجل بالشعالة ، فأخذ ينتشي بالدخان بشراهة ، و الدخان منه يتصاعد حتى كون سحابة ، أخفت ما كان قرأ صاحبنا قبل برهة فوق رأس الشرطة .


و بعد وقت انتظار ليس باليسير ، سُمح للشاكي بالدخول و مقابلة السيد الوكيل ، فبادرته سحابة دخان بيضاء على المدخل ، تزكم الأنفاس جعلته في المكتب يسعل ، و تحرق النفوس جعلته في صمت ينعل ، فاستسمح الجميعَ أنه أخطأ ما جاء عنه يسأل …


* * * * *

(2) ــ قال صاحبنا : توجهت فيما مضى من الأيام على عجل إلى المستشفى ، لكي أزور هناك أحد أقاربي المرضى ، أُوَاسيه فيما أصابه و أدعو له بالشفاء ، فوجدت أن المريض يشتكي من وجع آخر لم يجد له دَوَاء .


مكث المريض في المستشفى لعدة أيام ، يعاني الوجع الشديد و قاسي الآلام ، من القائمين على أمر المستشفى المخصص للعوام ، لم يلق غير العبوس و التبرم و عدم الاهتمام ، و سوء المعاملة و المنكر من الكلام ؛ بل و يجودون عليه بالصفع إن أزعجهم بنداءاته و هُم نِيَامٌ .


إلتفت القريب يمنة و يسرة ثم جذبني ، و بصوت خافت همس في أذني ، رجاني إن كان شيء من المال في حوزتي ، أن أسلفه دراهم من هؤلاء تُدْنِي . و بالقول أن الطبيب الجراح يَبْتزُّ صدمني ؛ قال له في وقاحة لقلب كل ذي لُبِّ تُدْمي : آتني بكذا و كذا من المال فإن حياتك بين يدي .


و تذكرت أنني أنا نفسي كنت محل ابتزاز ، من ذاك الطبيب الدكتور دون أدنى شك أو ارتياب ، جئته بقريبة ترجو العلاج لوجعها الشديد العذاب . المريضة تنزف دما و الطبيب الدكتور يسألني عن الحساب !!.. يساومني بدفع كذا و كذا من المال إذا أردت لقريبتي الخلاص من المصاب !!..


أنا اليوم بالمستشفى من جديد في زيارة ..، فعلمت أن الطبيب الدكتور قد عين مندوبا للوزارة ، اعترافا منها بخبرته و مجهوداته الجبارة … أنعم به و أكرم كان محل ثقة و أمانة ؛ أنعم به و أكرم يا من رشحه مندوبا و عينه للوزارة …


* * * * *

(3) ــ جمعت القاعة الرسمية الفخمة ، جمهورا من كبار مسؤولي البلدة ، لإعلان الحصيلة الدراسية النهائية ، فجاء في التقرير الذي أعده خبراء الجهات الرسمية ، أن نسبة الحاصلين على الشهادة الإبتدائية ، قد ارتفعت و ارتقت إلى تسعة و تسعين في المائة .


اهتزت القاعة بتصفيق جمهور الحاضرين ، بالحصيلة العظيمة المنجزة فخورين ، هذا مؤشر على تحسن مستوى التعليم ، و من علامات الرقي لمناطحة نادي المتقدمين …


… جمع الزقاق الضيق أطفال الحي ، يلعبون و يعبثون في نشاط لا يشغل بالهم شيء ، يجولون بأحاديثهم الطفولية يتضاحكون في كل شيء .


مما قالوا في سخرية : نجحنا و حصلنا جميعا على الشهادة ، دون بذل جهد أو إبداع أية حيلة ، فقد أغنتنا عن ذلك مدرستنا الأم الحنونة ، عندما تفضل معشر الحراس الكرام البررة ، بتسجيل أجوبة الامتحان الموحد على السبورة ، و أمرونا بالنقل على الأوراق بصدق و أمانة ، و انتهزوها فرصة سانحة ليَمُنّوا علينا بهذه البادرة الطيبة … و عندما دخل علينا المدير بغتة ، طاف بين الصفوف بعين فاحصة ناقدة ، ثم وقف في آخر الصف لفترة وجيزة ، عيناه معتصرتان مصوبتان تجاه السبورة ، ثم انحنى لأحد التلاميذ في آخر طاولة ، و همس في أذنه يسأله : هل السبورة واضحة .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق