السبت، يوليو 10، 2010

مقابلة تاريخية بين أمل هذه الأمة و خيبتها


بقلم : عبد المجيد التجدادي
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

أتذكر يوما أنني كنت في مكتبة أبحث عن الجديد في عالم الكتب ؛ فوجدت أحد رجال التربية و التعليم يتفاوض مع صاحب المكتبة على أثمنة عدد من الكتيبات ، فسمعته يلح عليه في تخفيض الثمن رغبة في أخذ كتيبات أكثر كي يوزعها جوائز على تلامذته المتفوقين في القسم ، عسى أن تكون تشجيعا لهم و استنهاضا لهمم غيرهم . و قد بدا
لي من خلال كلا م الزبون أنه يكن محبة خاصة لتلامذته جعلته يجود بقسط من ماله الخاص لإسعادهم .


ما كاد هذا المعلم العطوف ينصرف عن المكتبة حتى دخل علينا رجل تربية و تعليم آخر بادر صاحبَ المكتبة بالسؤال عن أحواله بكلمات مُمازحة فهمت من خلالها أن بينهما معرفة قديمة ؛ فبادره صاحب المكتبة ممازحا كذلك على ما يبدو بسؤال عن سبب قدومه إلى المكتبة : » هل تريد أنت كذلك أن تقتني كتبًا جوائزَ لتلامذتك المتفوقين « ؛ قهقه المعلم عاليا ثم سأل مستنكرا : » و من قال لك أنني أنا من ولدهم ؟ ! « ، ثم استطرد قائلا بصوت يكاد يكون خافتا : » من أراد منهم أن يتعلم فذاك شأنه ، و من لم يرد فذاك شأنه ؛ فما دخلي أنا ؟ ! « .


… فعلاً ، كانت مقابلة تاريخية قدر الله لي ــ و لغيري عبر هذه المقالة ــ أن أشهد عليها ما بين صنفين من رجال و نساء التربية و التعليم تشكل اليد الطولى لجهاز التعليم ببلادنا . صنفٌ يُكن الحب و العطف لتلامذته حتى لكأنهم قطعة منه ، فتراه يجاهد لتأدية رسالته تجاههم كما يجب ــ و قد يزيد عن ذلك الكثير إحسانًا منه يتجاوز العدل المفروض عليه . و صنف لا مبالي ، لا محبة و لا عطف ، لا يهمه من عمله في جهاز التعليم سوى تلك الأجرة البخسة التي يأخذها عند أول كل شهر ، ثم »و ليكن الطوفان من بعدي « .


فتبادر إلى ذهني سؤال : أيُّ ذانك الصنفين يا ترى له الحظ الأوفر من حيث العدد ؟ ألصنف الأمل أم لصنف اليأس ؟


و أخذت مخيلتي تتخيل عطاء هؤلاء و عطاء أولئك ؛ فخلصت إلى أن صنف الأمل هم أمل الأمة لإنقاذها من الجهل و الأمية ، و الرفع من قيمة ثروتها البشرية كي تناطح بهم القمم ؛ و أن صنف اليأس هم خيبة هذه الأمة الذي يمرغ كرامتها في الوحل .


لكن السؤال السابق كان ما يزال يلح علي : لمن الحظ الأوفر في العدد ؟ ألصنف الأمل أم لصنف اليأس ؟


… و طالعت بعد أيام من ذلك أن مرتبة المغرب على الصعيد العربي فيما يتعلق بالتعليم بلغت المرتبة الأخيرة …

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق