الاثنين، سبتمبر 10، 2012

وجهة نظر في تعليم اللغات بالمغرب

بقلم : عبد المجيد التجدادي
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
تقوم العملية التعليمية التعلمية برمتها على أساس التواصل ، و في قلب ذلك التواصل نجد اللغة باعتبارها حاملة و ناقلة للمعرفة ، أو فلنقل بأن التعليم برمته يقوم على أساس اللغة . هذا ما يجعل من الاهتمام بتعلم اللغات قضية محورية في منظومة التربية و التكوين تستحق كل العناية و الاهتمام . و إذا جاز لنا أن نصدر
حكما ، فإننا لن نبالغ إن قلنا بأن جزءا عظيما من أسباب الفشل في منظومة التربية و التكوين بالمغرب يعود إلى مسألة اللغة ، و هذا ما يؤكده المجلس الأعلى للتعليم من خلال الندوة التي نظمها في سنة 2009 في هذا الشأن ، حيث يشير في التقرير العام للندوة إلى << اعتبار إشكالية تدريس اللغات و تعلمها إحدى القضايا الأفقية الأساسية للمنظومة التربوية ، ذات الانعكاس المباشر على مردوديتها الداخلية و الخارجية >> ، و خلص إلى أن << التحكم في الكفايات اللغوية وجودة تدريسها يعتبر مسألة محورية لتحقيق تكافؤ الفرص و الولوج إلى مجتمع المعرفة و التكنولوجيا و تحقيق التنمية الشاملة بمختلف أبعادها و مستوياتها >> .
و قد كشف المجلس ذاتُه من خلال التقويم الوطني لتقويم التحصيل الدراسي لسنة 2008 أن الكفايات و المهارات اللغوية الأساسية لم يتم اكتسباها و التحكم فيها بالقدر المطلوب وفق الأهداف المحددة لتعلمها .
إن السمة الأساسية لمكون اللغات في التعليم بالمغرب هي التخبط و الالتباس و عدم وضوح الرؤية الإستراتيجية بعيدة المدى ، و نناقش هذا التخبط بشكل مركز من خلال العناصر التالية مع عرض بعض الأفكار التي نرجو لها أن ترقى إلى مستوى اقتراحات حلول :
(1) ــ في تعليم اللغة العربية :
شكل الاهتمام باللغة العربية إحدى أوجه مقاومة الاستعمار الأوربي للمغرب ، و استمر وجه المقاومة هذا في عهد الاستقلال مع رفع شعار "التعريب" إلى جانب المبادئ الوطنية الثلاثة الأخرى ؛ غير أن شعار التعريب هذا تعرض لانتقادات شديدة من جبهات مختلفة ، مما عرض تعليم و استعمال اللغة العربية لعقبات أهمها : التشكيك في أهليتها و جدواها ..؛ و هذا بدوره سيضعف دافعية تعليمها و تعلمها .
حاولت سياسة التعريب أن تستعيد للغة العربية مكانتها و ريادتها ، فجعلتها لغة لتدريس المعارف ــ بديلا وطنيا عن اللغة الفرنسية ــ في حدود التعليمين الابتدائي و الثانوي ، و قد كانت هذه الميزة لوحدها ( تعليم اللغة العربية و التعليم بها ) كفيلة بالرفع من مستوى التلاميذ في اللغة العربية ؛ غير أن هذا ما لم يحدث ، فقد بين التقويم الوطني لتقويم التحصيل الدراسي أن متوسط التحصيل الدراسي في اللغة العربية يتراوح ما بين 27 % و 43 % في التعليمين الابتدائي و الثانوي الإعدادي ، و يخلص تقرير التقويم ذاته إلى أن الكفايات و المهارات اللغوية الأساسية لم يتم اكتسباها و التحكم فيها بالقدر المطلوب و وفق الأهداف المحددة لتعلمها .
و كما سبقت الإشارة ، فإن الضعف في اللغة العربية يسري تأثيره إلى باقي المواد المُدرسة ، مما يتسبب في إعاقة التعلمات الأخرى ، فيكون الضعف في هذه اللغة سببا من أسباب تدني مستوى التحصيل الدراسي في عمومه ..، و الهدر المدرسي .
عوامل هذا الضعف كثيرة ، و قد سبق للمجلس الأعلى للتعليم أن عدّد بعضها ، غير أننا سنقف هنا عند بعضها لما لها من الأهمية الكبرى بحسب ما نلاحظه من خلال اتصالنا المباشر بالعملية التعليمية التعلمية بالمدرسة المغربية :
ــ التدريس بالعامية : و هذه ظاهرة عامة القليل من يشذ عنها ، في المغرب و في حتى غيره من البلدان العربية ، و نرى بأن هذا خلل خطير جدا يضيق من فرص توظيف اللغة العربية الفصحى في العملية التعليمية داخل المدرسة ، فيكون وضعها أقرب إلى اللغات الأجنبية ؛ بحيث إن واقع العمل يكشف لنا عن الحقيقة التالية : لغة التدريس في المدرسة المغربية هي العامية : تُدَرس العربية و باقي المواد الأخرى بالعامية . و لعل ما يكشف لنا عمق هذا الإشكال أن اللقاءات التربوية نفسها التي تتم بين الأطر التربوية تتم في جزء كبير منها بالعامية ...
ــ مضامين مادة اللغة العربية : نؤكد هنا أن المعمول به حاليا في تدريس قواعد اللغة العربية هو التبكير و التكديس ، فهي تفوق المستوى العقلي للمتعلمين بحيث يخال الواحد منا أن الهدف هو تخريج متخصصين في اللغة العربية ، و أن على جميع المغاربة أن يكونوا كذلك . و المضحك في الأمر أن الواقع يشهد أن هؤلاء التلاميذ بالكاد يستطيعون قراءة حروفها و فهم معني كلماتها ، فما بالك بضبط قواعدها ..؛ و قد كان الأوْلى أن يأخذ التعليم بيد المتعلم برفق رويدا رويدا حتى يكتسب ما هو أساسي للتواصل بحسب قدراته و حاجياته .
ــ أفكار : لهذا نرى بأن أول المداخل في تعليم اللغة العربية : أن نصحح نظرتنا إلى اللغة العربية على اعتبار أهميتها في بناء هويتنا باعتبارنا مغاربة أولا و أخيرا ..؛ و أن يحرص الأساتذة أشد ما يكون الحرص داخل المؤسسات التعليمية على التواصل مع المتعلمين في مختلف الأنشطة الصفية و غير الصفية باللغة العربية الفصحى مع حث المتعلمين على ذلك ..؛ و أن يراعى النضج العقلي للمتعلمين بتأخير البدء في تدريس قواعد اللغة إلى المرحلة الأخيرة من التعليم الابتدائي (*) ..؛ و أن يركز بذل ذلك على توظيف أنشطة ذات معنى للتلاميذ تنهل بالأساس من بيئتهم المحلية تكون فرصة لتوظيف اللغة العربية الفصحى بشكل مكثف ــ مع قواعدها ضمنيا بدون تصريح ــ يصل بالتلاميذ إلى تعودها و تذوقها ..؛ و التركيز على بناء عادة المطالعة (**) منذ السنة الأولى ابتدائي ، مع القيام بأنشطة تربوية تسمح للتلاميذ بإبراز و صقل قدراتهم في التواصل بهذه اللغة ..؛ و يا حبذا لو تم دعم كل ذلك بنشاط تربوي يحقق دفعة واحدة أهدافا مختلفة ( معرفية و مهارية و وجدانية ) (***) .
(2) ــ في تعليم اللغات الأجنبية :
ليس هناك جدال في أهمية تعليم و تعلم اللغات الأجنبية . و قد أوليت مسألة اللغات الأجنبية اهتماما كبيرا في المغرب ، و جعل لها الميثاق الوطني للتربية و التكوين اعتبارا خاصا . و حظيت اللغة الفرنسية بالحظ الأوفر في هذا الاهتمام متبوعة باللغة الإنجليزية ؛ غير أن الحصيلة النهائية تبدو هزيلة كذلك ، ففي نفس التقويم المشار إليه سابقا يتراوح متوسط التحصيل الدراسي في اللغة الفرنسية ما بين 28% و 35% في التعليمين الابتدائي و الثانوي الإعدادي . و مما يثير في هذا الشأن فيما يتعلق باللغة الفرنسية أنها ، و مع المكانة التي تحظى بها في نظامنا التعليمي من حيث التبكير و من حيث الغلاف الزمني فإن مستوى المتعلمين فيها متدني جدا ، كما أن الإقبال عليها باعتبارها تخصصا جامعيا يتراجع ، في حين أن اللغة الإنجليزية الأقل حظوة من حيث التبكير و من حيث الغلاف الزمني تعرف إقبالا متزايدا في الجامعات من طرف الطلبة .
و نتطرق هنا إلى الملاحظات التالية :
ــ من حيث السن المناسب لتعليم اللغات الأجنبية : هناك من يوصي من المتخصصين بالتبكير و منهم من يوصي بالتأخير . و قد كان اختيار الميثاق الوطني للتربية و التكوين هو التبكير من خلال النص على إدراج تعليم اللغة الفرنسية ابتداء من السنة الثانية الابتدائية ، و تعليم اللغة الإنجليزية ابتداء من السنة الخامسة الابتدائية . كما أن اختيار أولياء المتعلمين يكون في الغالب هو التبكير كذلك ، و هذا ما تعكسه مؤسسات التعليم الخاص التي تشرع في تدريس اللغات الأجنبية من التعليم الأوّلي !.. فما مدى صحة هذا الاختيار ؟
نشير أولا إلى أن تحديد السن المناسب لتعليم اللغات الأجنبية هو محل تضارب كبير بين المتخصصين ، و لكل فريق حججه الخاصة ، غير أننا في هذا المقال نشير إلى النقط التالية نسترشد بها لكي يكون اختيارنا قريبا إلى الحكمة :
ليس صحيحا بالمرة ربط تعليم اللغات الأجنبية بالسن لوحده ، بل لا بد من استحضار عوامل أخرى كثيرة (ذاتية و موضوعية) تؤثر بشكل كبير جدا في الحصيلة اللغوية ، هذه نقطة أولى . النقطة الثانية هي أن الأدلة التي ساقها داعمو فكرة التبكير لا ترقى بحسب معارضيهم إلى مستوى الأدلة العلمية الموثوق بها ، و لعل هذا يعززه واقع تعليم الفرنسية نفسها حاليا في المغرب مقابل واقع تعليم الإنجليزية كما أشرنا إليه سابقا .
النقطة الثالثة هو انعكاس التبكير باللغات الأجنبية على اللغة العربية ، فلا شك أن ذلك يشكل مزاحمة لها مع العلم أن اللغة العربية محاصرة أصلا خارج المدرسة و داخلها باستعمال العامية ، و يزداد الأمر سوءا إذا استحضرنا النظرة الدونية التي ينظر بها الكثيرون ــ بما فيهم الدولة من خلال مؤسساتها المختلفة ــ إلى اللغة العربية عن قصد أو غير قصد ، مما يزيد من هشاشة وضعيتها في المدرسة و المجتمع ، و لعل هذا ما تعكسه الدعوات المتنامية لدعاة الفرنسة و دعاة التدريس بالعامية و غيرهم ممن ينقمون على سياسة التعريب ..؛ و كذلك ظاهرة تداول لغة يومية هجينة تجمع ما بين العامية و الفرنسية ...
و حتى لو أننا فرضًا ملنا مع دعاة التبكير بتدريس اللغة الأجنبية ، ننوه هنا إلى ضرورة الأخذ في عين الاعتبار: نظرة المجتمع للغة الوطنية في مقابل اللغة الأجنبية ( هل هناك اعتزاز باللغة الوطنية أم لا ) ، هذا من جهة ، و من جهة أخرى مدى التقارب أو الاختلاف ما بين اللغتين من حيث الرسم و المفردات ؛ و هنا يمكن أن نلاحظ و بكل وضوح أن لغتنا الوطنية في وضع هش للغاية ، و أن الاختلاف بينها و بين اللغات الأجنبية اختلاف جذري ؛ فالدراسات الأجنبية التي شجعت على التبكير في تدريس اللغات تنطلق من واقعها الذي يتحدث عن لغات ( اللغات الأوربية على الخصوص ) متقاربة فيما بينها في الخصائص اللغوية و النحوية و الصوتية ..، في حين أننا نجد اختلافا كبيرا بين اللغة العربية و اللغات الأجنبية ــ مع الانتباه إلى محدودية الدراسات العربية التي تطرقت إلى مسألة التبكير في تدريس اللغات الأجنبية .
بناء عليه ، فإن التبكير بتدريس اللغات الأجنبية يعد مغامرة جنونية غير مقبولة ، و أن التأخير هو الطريق الأسلم . و نؤكد مع الدكتورة بدرية سعيد الملا قائلين : << ... الطفل في الصفوف الأولى من المرحلة الابتدائية في مرحلة تعلم و اكتساب المهارات التي تتطلبها عمليتا القراءة و الكتابة ، من تعرف الكلمات و الحروف ، و ربط الرموز اللفظية بمدلولاتها ، و فهمها ، و كتابتها كتابة صحيحة . فكيف نشوش عليه بمحاولة تعليمه نوعا جديدا منم الأصوات و الرموز اللفظية ، و نظاما أجنبيا من التفكير و التعبير قبل أن يصل إلى مستوى مناسب و مستقر في لغته القومية ، خاصة و أن الطفل في بداية التحاقه بالمدرسة يعاني من مشكلة الازدواج بين العامية و الفصحى >> ... و هنا نستنكر متسائلين : هل نريد من كل المغاربة أن يتخرجوا متخصصين في اللغات الأجنبية ؟ ثم ، هل المغربي الذي يتعلم اللغة ألأجنبية يتعلمها لكي يتكلم بها باعتبارها لغة التداول اليومي أم فقط عندما تدعوه الحاجة الماسة إلى ذلك ؟
ــ مضامين اللغات الأجنبية : نفس الملاحظات المشار إليها سابقا بالنسبة للغة العربية .
ــ أفكار : لهذا نرى أولا أن نصحح نظرتنا إلى اللغة لأجنبية بأن نعطيها قدرها الذي يناسبها بعيدا عن مبدأ الاهتبال بها السائد حاليا ، فهي و إن كانت في غاية الأهمية في إطار الانفتاح على الآخر و التفاعل معه ، فإنها تبقى أهمية نسبية آنية لا يمكن بحال أن نرهن بها مستقبل البلاد في بعده الاستراتيجي أبد الآبدين ..؛ ثم أن نؤخر تدريس تلك اللغات ( مثلا : الفرنسية بدءا من المرحلة الأخيرة من التعليم الابتدائي ، و الإنجليزية بدءا من المرحلة الأخيرة من التعليم الإعدادي ) ..؛ و أن يراعى النضج العقلي للمتعلمين بتأخير تدريس قواعد اللغة إلى التعليم الإعدادي بالنسبة للفرنسية ..؛ و أن يركز بذل ذلك على توظيف أنشطة ذات معنى للتلاميذ تكون فرصة لتوظيف اللغة بشكل مكثف ــ مع قواعدها ضمنيا طبعا ..؛ و التركيز على أنشطة رسمية لبناء عادة المطالعة مع القيام بأنشطة تربوية تسمح للتلاميذ بإبراز و صقل قدراتهم في التواصل باللغة الأجنبية مع الآخرين ...
(3) ــ في تعليم اللغة الأمازيغية :
أما بالنسبة للغة الأمازيغية ، فأمرها ما يزال في الواقع ملتبسا يلفه الغموض ، مما يطرح عدة تساؤلات :نرجو أن تكون في محل تأمل و نظر عميقين :
ــ ما هي الجدوى أصلا من إدراجها في التعليم ما دام أنها في الواقع تفرض نفسها باعتبارها لغة التداول اليومي على أوسع نطاق في الكثير من الأسر و في الكثير من المناطق المغربية ( مثلها مثل الدارجة ) ــ عكس اللغة العربية الفصحى التي ينحصر تداولها في أنشطة دينية و علمية و إدارية كتابية في الغالب ..، بحيث يمكن القول أن المجتمع لوحده من خلال كل مؤسسات التنشئة الاجتماعية ( إذا استثنينا المدرسة ) كفيل بحمايتها و تعليمها ، و هذا ما يشهد به التاريخ حيث إن الأمازيغية قد حافظت على نفسها على مدى القرون المتعددة في وجه كل التطورات التاريخية للمجتمع المغربي ، و بطبيعة الحال مع قابلية تطورها من خلال قوة استيعابها للغات التي تعارف عليها الأمازيغ ( و خاصة منها اللغة العربية ) .
ــ نقاش حرف الكتابة ما يزال قائما رغم اختيار المعهد الملكي لحرف تيفيناغ ، خاصة إذا ربطنا الأمر بالتحديات العملية التي يطرحها توظيف هذا الحرف على العملية التعليمية التعلمية ؛
ــ و نقاش ما يسمى بـ"المعيرة" ما يزال هو الآخر قائما على اعتبار أن هناك من يرى بأنها تتم على حساب لهجات أمازيغية و لصالح لهجات أمازيغية أخرى ؛
ــ و نقاش حدود استعمال اللغة الأمازيغية ( على فرض توحيدها ) : فهناك من يقف فقط عند حدود معرفتها و الحفاظ عليها و تطويرها لما فيه المصلحة في الحفاظ على التراث الأمازيغي ، و هناك من يرى بأنها يجب أن تكون مثل أية لغة رسمية بحيث تصبح لغة إدارة و تعليم و سياسة و اقتصاد ،إلخ ...
و على أية حال ، فإن الأيام المقبلة ربما تكشف لنا أكثر عن الآفاق التي يمكن أن تضطلع بها اللغة الأمازيغية ، و خاصة مع انتظار تفعيل دستور 2011 الذي اعتبرها لغة رسمية إلى جانب اللغة العربية . و نرجو أن يصل النقاش الذي يحتدم بين الحين و الآخر حول اللغة الأمازيغية إلى صيغة نهائية ترضي الجميع لما فيه المصلحة الفضلى للبلاد و العباد .
خاتمة :
نؤكد في الختام على ضرورة الإسراع في الحسم في إشكال اللغة المطروح بحدة بالمغرب ، و ضرورة تحقيق "أمننا اللغوي" على غرار ما يعرف بـ"الأمن الروحي" ، فإذا كانت الدولة تؤكد ــ و بكل حزم ــ على أنها تقف بنفسها على حفظ الأمن الروحي للمغاربة من خلال الدفاع عن وحدة المذهب المتبع ، فإن قضية اللغة تحتاج منها إلى اتخاذ نفس الإجراءات .
للمغاربة ــ و لو نسبيا ــ تعلق عاطفي وجداني بلغتهم العربية ، غير أن ذلك التعلق يحتاج إلى تعزيزه بالتعلق العملي الوظيفي المنفعي ، و هنا نستنجد من جديد بالدولة التي عليها وضع الإطار و تعبيد الطريق و لو بشكل تدريجي لصالح اللغة العربية على أساس أنها بعدنا الاستراتيجي . و نريد من الإعلام ( و خاصة السمعي و البصري ) أن يعزز هذا التوجه من خلال تعزيز حضور اللغة العربية في برامجه ، فيكون بذلك سندا للمدرسة في هذا المجال ؛ فيجد المتعلم مجالات أوسع لتعزيز كفايته منها .
و في إطار هذا الطموح في تحقيق أمن لغوي بالمغرب ، ما نزال ننتظر بشغف خارطة الطريق التي أشار إليها المجلس الأعلى للتعليم في الندوة السابقة الذكر عندما تحدث عن سلسلة أعمال تحضيرية من أجل بلورة مشروع خارطة طريق للإسهام في معالجة إشكالية التمكن من الكفايات اللغوية في المدرسة المغربية ، أو كما قال : << في أفق الإسهام ، خلال سنة 2010 بعون الله و بتضافر جهود الجميع ، في بلورة حلول ناجعة و متقاسمة حولها >> ... و نحن الآن على مشارف سنة 2013 ، نرجو أن يرى المشروع النور قريبا .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(*) ــ نتساءل هنا : أيهما أسبق ؟ تعلم اللغة أم تعلم قواعدها ؟ الجواب و بكل سهولة نجده عند أي طفل يتكلم لغة والديه دونما حاجة منهما إلى أن يخصصا له حصصا لقواعدها ؛ بل القاعدة الأساسية هي أن يتعلم اللغة من خلال سماعها أولا و توظيفها رويدا رويدا في مختلفة شؤونه الحياتية ، و هذا هو ما نرى أن يكون عليه دور المعلم في مسألة تعليم اللغة بالمدرسة .
(**) ــ نشدد على هذه النقطة بإلحاح ، لا بد لنا في الإسراع ببرمجة أنشطة تربوية رسمية منظمة تروم غرس و تطوير عادة القراءة في نفوس الناشئة بدءا من الأولى ابتدائي ، فذلك ضمان مستدام لتحسين مستواهم اللغوي و رصيدهم المعرفي و القيمي مع مرور الزمن في إطار التعلم الذاتي .
(***) ــ يرجى مراجعة موضوعنا : "تعليم و تربية الأطفال بالقصة انطلاقا من تجربة ميدانية حقيقية" .

مراجع معتمدة :
ــ "الميثاق الوطني للتربية و التكوين" ، المملكة المغربية ، (1999) .
ــ ندوة "تدريس اللغات و تعلمها في منظومة التربية و التكوين " ، المجلس الأعلى للتعليم ، المغرب ، (2009) .
ــ "التقرير الموضوعاتي لسنة 2009 حول نتائج البرنامج الوطني لتقويم التحصيل الدراسي 2008 " التقرير التركيبي ، المجلس الأعلى للتعليم ، المغرب ، (2009) .
ــ "مدى تأثير تعلم لغات أجنبية قبل الصف الرابع الابتدائي على مستوى النمو اللغوي للطفل في اللغة العربية" ، د.بدرية سعيد الملا ، حولية كلية التربية (11) ، جامعة قطر (1994) .
ــ "هل نعلم اللغة الإنجليزية قبل سن السادسة" ، د.ريما سعد الجرف ، الجمعية السعودية للعلوم التربوية و النفسية (2004) .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق