tajdadid@gmail.com
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
يعتقد
المؤمنون بالكتب السماوية بقصة خلق آدم و حواء ، و أحداث استقرارهما في الجنة ثم
خروجهما منها : الخروج من دار النعيم إلى دار الشقاء . تلك القصة كأنها ترافق الإنسان
في حياته يراها في نفسه و في غيره ، بحيث إن ذكراها لا تفتر تتكرر
. خلق الله عز و جل الإنسان و أودعه الجنة يعيش في نعيمها ، غير أنه لما عصى ربه خرج منها و نزل إلى الدار الدنيا يكابد معاناتها و مشاقها ..؛ على أمل الرجوع إلى وطنه الأم من جديد ...
. خلق الله عز و جل الإنسان و أودعه الجنة يعيش في نعيمها ، غير أنه لما عصى ربه خرج منها و نزل إلى الدار الدنيا يكابد معاناتها و مشاقها ..؛ على أمل الرجوع إلى وطنه الأم من جديد ...
1 ــ ذكرى الخلق :
- فالإنسان يخلق في رحم أمه و قد كان قبل ذلك في حكم العدم ، و هو في تطور نموه في رحم أمه كأنه من خلق إلى خلق ؛
- و الإنسان حين يولد بخروجه من رحم أمه نفس جديدة تنضاف إلى الرصيد البشري ؛
- و الإنسان حين يلج بوابة سن البلوغ كأنما يولد من جديد ولادة ثانية ..، خلقة جديدة تختلف عن خلقة الطفولة ، تصبح بكل مكوناتها مستعدة لتحمل أعباء الاستخلاف في الأرض ...
2 ــ ذكرى نعيم الجنة :
- فالإنسان عندما يكون جنينا في رحم أمه ، و رضيعا في حجر أمه ، و طفلا في كنف والديه كأنما هو في نعيم الجنة تُقْضى حاجاته دون عناء ..، في حل من أحمال و هموم المسؤولية ؛
- و الإنسان عندما يتذكر أيام طفولته كأنما هو يتذكر جنة مفقودة : فحلاوة سنين الطفولة حتى و لو في أحلك الظروف يفتقدها الإنسان في باقي مراحل حياته إلى أن يرى آثارها تتكرر من جديد في طفولة أبنائه و أحفاده ...
- و الإنسان عندما ينظر إلى طفله كأنما هو ينظر إلى أثر من آثار الجنة : حيث لا ريح أزكى من ريح الأطفال ، و لا ملمس أنعم من ملمس الأطفال ، و لا منظر أجمل من منظر براءة و عفوية الأطفال ، و لا سعادة أصدق من السعادة التي تشع بها عيون الأطفال ..؛ سمتهم الطهر و النقاء قلبا و قالبا ..؛
- الأطفال كأنما هي كائنات نورانية سماوية ..، لا تلبث أن تفقد آثار نورانيتها و سماويتها تدريجيا كلما تقدمت بها السنون حيث تنحدر تدريجيا و تنغمس في وحل الكائنات الأرضية ... الأطفال طيور خفيفة الحِمل تحلق في سماء الخيال عاليا لا حدود لآفاقها ، غير أن تقدمها في السن يزيد من حملها فيجعلها تبطئ في الطيران تدريجيا إلى أن تعجز عنه فتسقط على واقع الأرض ، أفقها ضيق تحده تضاريس الحياة الوعرة ..؛ ليبقى ما بين الطفولة و الكِبَر كما بين السماء والأرض : السماء في عليائها و سعة أفقها ، و الأرض في دنيويتها و ضيق أفقها ...
3
ــ ذكرى الخروج و النزول :
- فالإنسان يخرج إلى الدنيا بمخاض يكلف الأم الوجع الشديد ، و صراخها تعقبه صرخة المولود الخارج النازل من الرحم ..، كأنما كل ذلك تذكار من صرخة مأساوية مدوية تعتمل في نفس البشرية منذ خروجها من رحم الجنة ..، و الإنسان في خروجه و نزوله من رحم أمه تحوطه قذارة مخرجي البول و الغائط ، كأنما هي دلالة على فظاعة حدث الخروج و النزول من علياء الجنة إلى هاوية الحياة الدنيا القذرة ؛
- و الإنسان يخرج من بهجة جنة الطفولة إلى شقاء و هموم المسؤولية عبر بوابة تذكرنا بقصة الخروج و النزول من الجنة : فخروج أبَوَيْنا كان بعد حادثة أكل الثمرة المحرمة و ما نجم عنها من تَكَشّفهما على بعضهما البعض ، و كذلك خروج الإنسان من مرحلة الطفولة إلى مرحلة تحمل الأعباء عبر بوابة تَكَشّف و نضج الأعضاء الجنسية فيما يعرف بسن البلوغ الذي يرتبط ببداية التكليف ؛
- و الإنسان و قد ولج باب سن البلوغ يكون قد ودع رغد ما كان ينعم به في مرحلة الطفولة و دخل مرحلة تحمل المسؤولية و التكاليف مع ما تحمله من شقاء و مكابدة ... فشتان بين ما يجول في نفوس الأطفال و ما يجول في نفوس البالغين : السعادة تنازعها في النفس الهموم ، و ما من نعمة إلا و تخالطها منغصات ، و ما من شيء إلا و تعتريه النواقص ..، و أحوال الناس لا تكاد تستقر على بر أمان حتى تباغتها أمواج الحياة المتلاطمة من جديد تجرها إلى غمار بحرها الهائج ...
- و سمات البلوغ لا علاقة لها تماما بسمات الطفولة : فالريح ريح عرق ، و الملمس أبعد عن النعومة ، و المنظر أبعد عن العفوية و البراءة ... و السعادة تبدو أبعد منالا ..؛ و الطهر و النقاء عملة نادرة ...
إننا
نحن الكبار مطالبون بأن ندع الأطفال يسرحون و يحلقون و يمرحون في رحاب جنانهم و
فضاء سمائهم ، و نحذر أن نكون نكتة سوداء تشوش عليهم نصاعة ذكريات طفولتهم ...
لعله إن
كان هناك من حنين يشدنا ، فلن يكون أقوى من الحنين إلى براءة و عفوية الطفولة ..،
و نعيم الجنة ...
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق