الجمعة، فبراير 15، 2013

"FEMEN" تطرق أبوابنا !...


بقلم : عبد المجيد التجدادي
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
"FEMEN" تطرق أبوابنا !... أو لعلها في عقر دارنا ...

حركة "FEMEN" حركة نسائية متطرفة (1) ظهرت لأول مرة في أوكرانيا سنة 2008 ، ثم انتقلت عدواها بعد ذلك إلى باقي دول أوربا ابتداء من سنة 2011 ...
تدعي هذه الحركة أنها "تناضل" لأجل عدد من القضايا "الإنسانية" ، و ذلك من قبيل الدفاع عن "حقوق المرأة" ، و "حقوق الشواذ" ... و من قبيل محاربة التحرش
الجنسي و العنصرية و الفقر ، و محاربة الأديان ــ بما فيها حتى الإسلام (2) .
تعتمد هذه الحركة في أسلوب عملها لأجل تحقيق مطالبها على الاحتجاج بالتعري : التعري النصفي بالكشف عن الأثداء ، و التعري الكامل بالكشف عن جميع مفاصل الجسد الأنثوي ... و أسلوبها الاحتجاجي هذا هو سبب شهرتها ، و به تشتهر .
البعض من المراقبين يعتبرون تلك الحركة موجة جديدة من موجات الحركة النسائية (الموجة الرابعة) (3) شبيهة بحركة مماثلة نسبيا ظهرت في كندا سنة 2010 (4) ، بينما يعتبرها البعض الآخر حركة تريد أن تكسر كل التحفظات القائمة في التعامل مع جسد المرأة . و مما يعزز هذا القول الأخير هو أن تلك الحركة تصر على عرض جسد المرأة عاريا على العموم ، و تستعمل في احتجاجاتها إشارات فضة أخلاقيا توحي بمطالب جنسية تصل إلى حد طلب المضاجعة في الشارع العام (Fuck me) (5) ..؛ كل ذلك فيما بات يعرف بثقافة "كسر المحرمات" أو "كسر الطابوهات" الموسومة عند أهلها بأنها ثقافة"شجاعة" و جريئة" !..
هذه الحركة لا تلقى الترحيب الكامل في أوربا ، و خاصة في أوساطها الدينية المحافظة ، غير أنها تجد لها رواجا ، خاصة مع العلم بأن لها الحرية التامة في ممارسة أنشطتها في عدد من دول أوربا الغربية .
الغرب على أية حال مهيأ بأرضيته الخصبة لإنتاج و إيواء مثل هذه الحركة ، و هذا هو ديدنه مع كل شيء غريب ينافي الفطرة الإنسانية التي رسمت معالمها الديانات السماوية الثلاث ؛ و هذا ليس بالأمر الجديد ... غير أن الذي يهمنا هنا هو سعي تلك الحركة لأن تكون حركة عالمية من خلال استقطاب نساء من قارات العالم الأخرى . و حيث أن الغرب قد سبق له أن نجح في تسويق سلع "ثقافية" مشابهة فيما مضى و ما يزال ، فإن حركة Femen على ما يبدو قد نجحت في استقطاب بعض المنتميات إلى العالم الإسلامي إلى كوكبة التعري العالمية ، كالمصرية علياء المهدي ، و المغربية ابتسام لشكر !..
ففيما يتعلق بالمصرية علياء المهدي ، فيبدو أنها أكثر جرأة في الانتماء المخلص إلى تلك الحركة ، حيث إنها أقدمت هي نفسها على التعري عدة مرات ، و كشفت صراحة عن عداوتها للشريعة الإسلامية و لأية ثقافة دينية عموما ..، و هي الآن تجد الدعم الشديد في أوربا لإنشاء فرع لحركة التعري بمصر ...
أما في المغرب فأول من سمعنا عنها أنها تنتمي (صراحة) لتلك الحركة فهي "ابتسام لشكر" (في يناير 2013) ، صاحبة حركة "مالي" المعروفة بخروجها المفاجئ على المغاربة للإفطار في شهر رمضان نهارا جهارا ، و المعروفة كذلك بدعمها للشواذ الجنسيين ، و دعمها للحرية الجنسية ، و دعمها للإجهاض ..، و كل ما تعتبر أنه ــ حسب فهمها ــ يدخل في إطار الحريات الفردية .
قد تبدو لنا حالتا علياء المهدي و ابتسام لشكر حالتان معزولتان ؛ غير أن المتبصر بتطور الغزو الثقافي الغربي للبلدان الإسلامية مع ما يوازيه من دعم لبعض المتنفذين ثقافيا و سياسيا يدعونا جميعا إلى القلق .
فأما عن مصر ، فنتذكر دائما أن المصريين لما خرج من بلادهم نابليون و الاحتلال الإنجليزي بعساكرهما خلفا وراءهما لوثة الفساد (6) التي انغرست في أرضهم بين أهليهم حتى استحكمت فوجدت لها أنصارا ذوي نفوذ ..، و من مصر انتقلت تلك اللوثة مهذبة بجرعات تدريجية إلى باقي الدول الشقيقة ... و من هنا مبعث القلق في أن تكون مصر من جديد منفذا لباقي الدول الشقيقة قصد التطبيع مع هذه الظاهرة "الثقافية" الغربية الجديدة .
و في المغرب ، نتذكر أن المستعمر هو الآخر خلف لوثة فساد شبيهة بتلك التي في مصر مع بعض التأخر في التأثير بسبب تأخر الاستعمار نفسه ..؛ غير أنها ماضية بشكل تدريجي في إفسادها للأصالة المغربية النابعة من ركيزة الإسلام ، و هي في ذلك تعمل بأسلوب ماكر يقضي بتطبيع المغاربة مع كل مظاهر الفساد الأخلاقي بجرعات مخففة أخذت تتصاعد كمياتها بقوة في السنوات الأخيرة . هذا ما نستشفه من خلال ظهور حركات الشواذ الجنسيين ، و "وكالين رمضان" ، و المدافعين عن الإجهاض ، و الحرية الجنسية ..، و حتى الدفاع "الأكاديمي" عن القمار و شرب الخمر و التدخين و الحشيش !... في سابقة من نوعها في المغرب حيث تتم المجاهرة بالمعاصي (7) مع إعطائها تبريرات تنهل مما يعرف بـ"ثقافة حقوق الإنسان" و "الحقوق الكونية" و "المرجعية الكونية" ...
و المثير للقلق في المغرب كذلك ، أن هذا التطبيع مع الفساد الأخلاقي تسنده فئة من المحسوبين على نخب المثقفين و الفنانين و الإعلاميين و السياسيين ، حيث إن منهم من صرح لأول مرة بتصريحات صادمة تهز مشاعر المغاربة الذين ما يزال بين أيديهم بشيء من أصالتهم :
ــ فـ"فيلسوف" مع آخرين يفاجئنا بين الحين و الآخر بالدفاع عن منكرات معلومة من الدين بالضرورة ، بدءا من الخمر وصولا إلى الشذوذ ...
ــ و "مدير" مؤسسة سينمائية رسمية تفاجؤنا زوجته بصورة عارية لها على صفحات إحدى المجلات الغربية ...
ــ و صحفي فاجأنا بتصريح يؤكد فيه حق أمه و أخته نفسيهما في ممارسة الجنس مع من تحبان خارج الإطار الشرعي الذي يؤمن به المغاربة ...
ــ و فنان فاجأ محبيه بتصريح يؤكد فيه حق ابنته في ممارسة الجنس مع من تحب خارج الإطار الشرعي الذي يؤمن به المغاربة ...
ــ و فنانة تصر على مفاجأتنا بالكشف عن جسدها على خشبة المسرح ....
ــ ... و سيل من استعراض المنكرات و الدفاع عنها و ترويجها بشتى السبل يتدفق بقوة عبر وسائل الإعلام "الوطنية" و في الشارع و المدرسة .....
إننا نجزم أن التطبيع مع الفساد في بلادنا قد بلغ درجة عالية من الشراسة و الخطورة ، و أن البعض منا قد أصبحت عنده القابلية التامة لكي يقبل بأي شيء بما فيها العري في الشارع العام ... و هذا كاف لدق ناقوس الخطر داعين كل من في قلبه ذرة من غيرة على مصلحة هذا البلد إلى أن ينضم لجهود الإصلاح في إطار التدافع ما بين الخير و الشر عل و عسى أن يغلب خير المصلحين شر المفسدين .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) ــ هكذا حسب وصف موسوعة ويكيبيديا العالمية .
(2) ــ فقد تظاهرن بطريقتهن المعتادة ضد الشريعة الإسلامية في عدد من المناسبات ، من بينها مثلا تعري ثلاث منهن تعريا كاملا فوضعت كل واحدة منهن كتابا من الكتب المقدسة الثلاثة على فرجها ، منهن المصرية علياء المهدي التي وضعت ما يمثل القرآن الكريم على فرجها .
(3) ــ لو تتبعنا مسار الحركة النسائية بالعالم الإسلامي يمكن أن نلمس ذلك المسار التدريجي لتطور مطالب النساء الذي بدأ بمطلب تمزيق الحجاب ... و نحن الآن ربما سنصل على أساس هذا التطور نسير نحو مطلب التعري .
(4) ــ خرجت النسوانيات (نسبة إلى الحركة النسائية) في كندا سنة 2010 بألبسة فاضحة احتجاجا على ضابط شطرة كندي صرح بأن من شروط محاربة الاغتصاب << أن تكف النساء عن ارتداء ألبسة فاضحة كالعاهرات >> .
(5) ــ شوهدت شعارات قريبة إلى هذا المطلب في بعض احتجاجات حركة 20 فبراير بالمغرب رفعتها نساء ممن يحسب على تيار "الحريات الفردية" ، و يمكن من خلال أسلوب لباسهن و حديثهن تلمس انغماسهن العميق في الثقافة الغربية (خاصة منها الفرنسية) ، و غربتهن عن ثقافتهن المغربية الأصيلة .
(6) ــ إلى جانب الجيوش المسلحة التي دخل بها نابليون إلى مصر دخل معه كذلك الفاسدين أخلاقيا نشروا الفساد بين ابناء البلاد ..، و لعل تذكر أن الزعيم المصري سعد زغلول كان مهووسا بالقمار ، و أن الإنتاج السينمائي المصري قد نجح إلى حد بعيد في تطبيع الدول الشقيقة مع الفاحشة كاف لإدراك مفعول تلك اللوثة .
(7) ــ الفساد الأخلاقي ليس بالأمر الجديد ، غير أن من كان يرتكب شيئا من المعاصي كان لا يجرؤ على المجاهرة به (حياء و احتراما للمجتمع) و كانت نار الذنب و تأنيب الضمير دائما يلاحقه حتى يتوب عن ذلك .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق