الثلاثاء، سبتمبر 13، 2011

عصابة تسرق الأمازيغ


بقلم : عبد المجيد التجدادي
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
نخوض من جديد مكرهين في موضوع الأمازيغية ، غير أن من يحسبون أنفسهم منافحين عن الأمازيغ ببلاد المغرب لا يكفون عن مفاجأتنا بين الحين و الآخر بما يصدم و يثير المخاوف و الشكوك ، و يجعلنا نطرح أسئلة النوايا التي يضمرها هؤلاء بحيث تصدق فيهم قولة << حق أريد به باطل >> .
... و جديد الصدمات هذه المرة هو ما كشفت عنه جريدة التجديد من خلال وثيقة نشرها موقع ويكيليكس المعروف بتسريب الوثائق السرية الأمريكية . أشارت الجريدة إلى وثيقة عبارة عن خلاصة للقاءات مع عدد من الفعاليات الأمازيغية مؤرخة بـ 18 دجنبر 2007 (*) ، تلك الفعاليات هي من النخبة السياسية و الاقتصادية ( و قد وردت في الوثيقة أسماء بعضهم بمن فيهم أحد زعماء "الكونغرس العالمي الأمازيغي " ) .
الذي صدمنا في هذه الوثيقة ليس هو اللقاء في حد ذاته ــ و قد سبق لهيئات عديدة أن فعلت ذلك في إطار التواصل مع الخارج ، و هذا حق طبيعي للجميع ــ بل الذي صدمنا هو ما ورد من هؤلاء من مواقف استعدائية بشكل صارخ لعدد من مقومات وحدة المجتمع المغربي ، و هي مقومات وحدة تاريخية أصيلة ، و ليست بالمستحدثة الطارئة ، هذا مع الإشارة إلى أنهم يعتبرون أنفسهم متحدثين باسم الأمازيغ .
نتابع بعض تلك المواقف الصادمة من خلال تلك الوثيقة :
ــ فأحدهم ، و هو عميد بإحدى كليات المملكة ، يقول كعدد من زملائه بأن غايتهم هي إنشاء << جمهورية بربرية متحررة من التأثير العربي >> (1) ؛ ثم يؤكد و يلح على : << الحاجة لفصل شمال إفريقيا عن العرب الذين يعادون الحضارة >> (2) ؛
ــ و يصرح آخر ، و هو أستاذ في الرياضيات : << نحن جغرافيا و فلسفيا أقرب إلى واشنطن من الرياض و طهران ، طبيعيا نحن حلفاء >> (3) ، ثم يقول بأنه << على الرغم من أن معظم الأمازيغ بالمغرب مسلمون ، إلا أن إسلامهم لا ينبع من إيمان عميق >> (4) ؛
ــ و يقول آخر و هو دكتور في جراحة الأعصاب بأن << المغاربة مسلمون بالقانون ، و ليس بالاختيار ، و لو كانت للأمازيغ حرية الاختيار لكان من المحتمل ألا يبقوا مسلمين >> (5) ؛
ــ و يقول آخر ، و هو سياسي عضو سابق في حزب تقدمي عريق و كاتب في جريدة أمازيغية ، << الأمازيغية أولا ، أما الدين فأمر ثانوي >> (6) .
فما الذي يمكننا استنتاجه إذا حاولنا استكشاف خلفيات العقليات و النفسيات التي عبرت هكذا و بكل وضوح ، أو فنقل : بكل وقاحة :
أولا ــ العداء و المقت الشديد لكل ما يمت بصلة إلى العربية ( بشرًا و لغة و حضارة ) . و هذا ما يفهم من الرغبة في إنشاء جمهورية بربرية متحررة من التأثير العربي ، و من إتهام العرب بأنهم قوم يعادون الحضارة ...
ثانيا ــ الاستهانة بأمر الدين الذي يعتنقه المغاربة الذي هو الإسلام ، فواحد عندما يعترف بأن معظم الأمازيغ مسلمون ، إلا أنه يستدرك بأن ذلك لا يتجاوز إيمانا سطحيا ، ثم يوضح آخر بأن المغاربة مسلمون بالقانون ، أي بتعبير آخر أننا نحن المغاربة ــ و منهم أنا مثلا و غيري من المغاربة ــ مسلمون بالإكراه ، بالرغم عنا ، ثم يضيف أن احتمال ردة الأمازيغ عن دينهم وارد لا محالة لو توفر لهم شرط حرية الاختيار . ثم آخر يؤكد لنا بأنه مع من والاه لا يُولُون الدّين كبير اهتمام ، بل اهتمامهم الأول و الأخير هو الأمازيغية .
و إنه رغم حالة الامتعاض التي يمكن أن يحس بها أي أمازيغي يعتز بإسلامه مما قالته تلك العصابة ، إلا أن الوثيقة باعث على التنفيس و الترويح ؛ فهؤلاء و رغم أنهم يوحون للسامع و كأنهم مُوَكَّلون رسميا للحديث نيابة عن الأمازيغ ، فإن الوثيقة تختم بخلاصة ساخرة تؤكد أنهم في الحقيقة و واقع الأمر نخبة معزولة عن الأمازيغ ، و لا تمثلهم في شيء (7) .
قلنا أن هذه ليست بالصدمة الأولى ، فقد سبقت صدمات أخرى يصعب حصرها ، أبطالها يتمركزون على الخصوص في المغرب و الجزائر :
ــ فلا يمكن أن ننسى محاولاتهم في التقرب و التزلف إلى العدو الصهيوني مقابل التنكر لقضايا العالم الإسلامي ــ و على رأسها قضية فلسطين ؛
ــ كما لا يمكن أن ننسى موقفهم الداعم لحملات التنصير التي يتعرض لها شمال إفريقيا ...
إنه الاستعداء على الإخوة في الداخل بالعدو الخارجي الصهيوني ، و التنصيري ، والغربي ...
نقف عن هذا الحد ، و نترك للأمازيغ فرصة الرد على هؤلاء و استرداد أنفسهم من هؤلاء السُّرّاق ، و ننتظر من مكونات الحركة الأمازيغية موقفا صريحا و واضحا يبرئ ذمتها ، و تميز لنا من خلاله الخبيث منها و الطيب (**) .
... و إلى ذلك الحين ، يتبين بما لا يدع مجالا للشك أننا في المغرب أمام تدافع مكونين حضاريين مختلفين يتجاذبان حاضرنا و مستقبلنا : مكون إسلامي أصيل ( عربي و أمازيغي ) مقابل مكون تغريبي وافد ( فرنسي بالأساس ) . فمن له المصلحة في سرقة المكون الأمازيغي و جره ليقف في مواجهة المكونين العربي و الإسلامي ؟..
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(*) ــ يمكن الإطلاع على الوثيقة كاملة من خلال الرابط التالي : 
http://wikileaks.org/cable/2007/12/07RABAT1857.html
(1) ــ (envision a Berber republic, freed from "Arabic influence,")
(2) ــ (stressed the need to separate North Africa from Arabs who &oppose civilization )
(3) ــ ("We are closer, philosophically and geographically, to Washington, than we are to Riyadh and Teheran. We are your natural allies" he said)
(4) ــ (noted that, although most Amazight in Morocco are Muslim, it is not out of deep belief )
(5) ــ (told poloff that Moroccans are Muslim by law, not choice, and that if Berbers had the liberty to decide, they might not choose to remain so )
(6) ــ (said that he is Amazight first, and that religion is secondary ).
(7) ــ (Our interlocutors were from the upper levels of Moroccan economic and political society, and thus were not representative of the vast majority of the Berber populace )
(**) ــ إلى حدود تاريخ كتابو هذه الأسطر ما يزال رد فعل فعاليات الحركة الأمازيغية هو التهجم على الجريدة التي نشرت الخبر ، و تكذيب وجود الوثيقة أصلا . كما أن آخر بيان صادر عن ما سمي " بيان الرباط للجمعيات والتنسيقيات الأمازيغية " بتاريخ 11 شتنبر 2011 بالرباط لم يتطرق إلى تلك الوثيقة لا بالنفي و لا بالتأكيد رغم المواقف الخطيرة الذي وردت فيها .

هناك 3 تعليقات:

  1. لا حول و لا قوة الا بالله ، لكن السؤال يبقى هل هذه الكميشة تمثل كل الشعب المغربي لأن الأمازيغية ليست قضية أمازيغ فقط بل قضية الكل

    ردحذف
  2. لا أحد يقف ضد المكونين العربي والأسلامي، لكن كثيرون هم ضد الاستبداد العربي الأسلامي.

    ردحذف
  3. الحملة محرضوها صهاينة من اجل تفتيت الامة وخلق النعرات فهل كتب اجدادنا العلماء بغير اللغة العربية الفصحى

    ردحذف