الأحد، أكتوبر 21، 2012

ما بين العرافة و المجرم .... القضية واحدة .

بقلم : عبد المجيد التجدادي
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
في الخبر الذي أوردته جريدة المساء عن "عرافة و سلفيين" ، و الذي يتحدث فيه عن محاولة شابين وصفا بأنهما "سلفيان" لشنق عرافة جارة لهما و أخذ أموالها غنيمة لهما نعقب بالقول :

أن الخبر طبعا يركز على ما نوى "السلفيان" فعله ، مع التنويه بدور قوات الأمن التي أحبطت العملية ...
... و لقوات الأمن ببلادنا جزيل الشكر و الثناء لما تبذله من عظيم الجهد لحفظ أمن البلاد و العباد .

غير أنه لنا أن نتساءل و نحن نتأمل في ثنايا الخبر :
ــ و أين هو دور قوات الأمن تلك في محاربة الخرافة و الشعودة و الدجل و نهب أموال الناس بالباطل ؟
إنه إن لم تتصدّ الدولة بنفسها من خلال حِكمتها و قوّتها لإنكار المنكر ..، فإنما هي تترك المجال واسعا لكي ينكر المنكر هؤلاء الأحاد من عامة الناس ...
و نذكر بمناسبة هذا المقام قصة حقيقية حكى لنا عنها صديق بإحدى المدن الكبرى بالمغرب . مما قال : أنه في أحد أحيائها الهامشية كان مجرم شديد الإنحراف يثير المشاكل في حيه إلى حد لا يطاق بحيث إنه كان يداوم بكل إخلاص على إزعاج جيرانه و تهديدهم في أرواحهم و أعراضهم ..؛ و كان كثير التردد على السجن : يقضي به بضعة أشهر ثم يخرج لكي يعود إليه من جديد ..، و هكذا دواليك . و كان كلما خرج من السجن زاد شراسة و عنفا ... حتى إن المرء ليخال أنه في السجن يجتاز دورات تكوينية مكثفة تزيده تفننا في الانحراف و العنف .
و في أحد أيام يونيو أو يوليوز ، خرج المجرم من السجن و عاد مباشرة إلى حيه حيث أحيا ــ كعادته ــ ليلة الجيران بما لذ و طاب له من السب و القذف و التهديد و الوعيد ..، و كان من بين ضحاياه في ذلك القذف و التهديد إحدى بنات الجيران .
و يكفي أنه هز قلوب الناس خوفا و رعبا ...
أرعد المنحرف و أزبد ..، و لم يسلم من عنفه أحد ... فما كان إلا أن باغته فتى من الجيران بطعنة سكين أردته قتيلا في الحال .
الفتى الذي بلغ للتو سن الرشد ، كان هو أخت الفتاة الذي تعرض لها المنحرف بالتهديد . و في الأمس القريب كان قد ألقى لأهله بشرى حصوله على شهادة البكالوريا ...
غير أن الفتى و هو بعد يهيم في نشوة حصوله على شهادة البكالوريا ، يجد هذا المجرم ينغص عليه و على أهله فرحتهم ، و يزيدهم على ذلك أحاسيس الخوف و الرعب ... فكر في حل يخلصهم من هذا الترويع المزمن : تبيلغ الشرطة ؟ و هل سيفيد هذا في شيء ؟!.. سيقضي كعادته أياما في السجن ثم يعود إلينا فيعاود نشاطه من جديد ... أليس هناك من حل نهائي ؟
طاش عقل الشاب و هو في خضم الفوضى التي أثارها المجرم في حيه ، و زاد طيشه بعد تعرضه لأخته ، و زاد على طيشه طيشا بعدما رأى جميع الكبار حوله عاجزين عن معالجة هذا الموقف ...
فما كان منه إلا أن توجه نحو مطبخ منزله ، و أخذ منه سكينا ، ثم توجه مباشرة إلى المجرم ، فسدد له طعنة قوية فرغ فيها كل ما احتقن في نفسه من غضب ... طعنة قوية كفت لقتل المجرم و إلقاء الفتى خلف قضبان السجن ...
الفتى هنا ضحى بنفسه فداء لأهله و جيرانه تخليصا لهم من همّ ذلك الذي يصر على ترويع الآمنين ...
غير أنه ما كان ليكون كذلك لو أن الدولة التي سارعت إلى سجنه سارعت قبل ذلك إلى إزاحة السبب الذي أدّى إلى سجنه .
إن قصة الشابين مع تلك العرافة هي نفسها تتكرر بوجه آخر في قصة المجرم و الفتى ، و للقصتين معا نماذج مشابهة كثيرة : إن الحظور القوي للدولة بحكمتها و قوتها الشرعية في الأمر بالمعرف و النهي عن المنكر ــ أو فلنقل بتعبير آخر : إعمال القانون ــ هو الضمانة الوحيدة لكي لا يتصدى لهذا الأمر أي طرف آخر قد يفسد من حيث يظن أنه يحسن ..؛ و إلا ، فإنما هي الفوضى .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق