بقلم : عبد المجيد التجدادي
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
يعاني كل معلم من حالات متكررة من المخالفات التي يتسبب فيها التلاميذ في إطار التحصيل الدراسي و الأنظمة و القوانين الواجب التزامها ، مما يعرض
حالاتهم النفسية لضغوط تحتاج سعة تحمل كبيرة قد لا تتوفر عند كل واحد منهم و قد لا تتوفر في كل حين عند المعلم نفسه ، مما قد يجر إلى ممارسة ردود فعل يكون المعلم نفسه غير مقتنعا بجدواها ؛ من قبيل التعنيف البدني و التعنيف النفسي و حتى اللامبالاة أو الإهمال ...
و للتخفيف من تلك الضغوط التي يتحملها المعلم ، و لدفع التلاميذ إلى الرقي بتحصيلهم الدراسي و الانضباط للأنظمة و القوانين يمكننا أن نعمل هنا بما هو معروف عند الإخوة : تفويض بعض المهام للتلاميذ أنفسهم و تحميلهم مسؤولية تسييرها . من هنا يأتي مقترح توظيف الحس الجماعي لصالح العملية التعليمية التعلمية مع العلم أن تأثير الأقران على الطفل يكون أبلغ أثرا من غيره .
طريقة العمل :
يقسم المعلم تلاميذ الفصل إلى مجموعات بحسب الصفوف مثلا ، و يلزم التلاميذ بالتزام صفوفهم إلى آخر السنة ، و يتكلف عن كل صف تلميذ ( مع نائبه ) بالصف الذي ينتمي إليه ، و يختار كل صف لنفسه اسمًا . و يخبر تلاميذه أن هناك جائزة تقدم لأحسن صف من حيث التحصيل الدراسي و الانضباط في آخر كل مرحلة دراسية ( دورة أو أسدس مثلا ) .
تعلق على الجدار الخلفي للصف لائحة عن كل صف على حدة يوضع فيها تنقيط الصف بحسب مكاسبه مما حققه أفراده ، و يحتفظ المعلم بنسخ عن تلك اللوائح في دفتر خاص به لكي يدون عليها مباشرة ما يدون على اللوائح الجدارية لأن هذه الأخيرة قد تتعرض للتلف .
اختيار المكلف و نائبه :
يستحسن أن يكون التكليف عن طريق الانتخاب ، فحينها سيختار التلاميذ " صاحب الشعبية منهم " ، و هي فرصة له لتحمل مسؤولية جماعته و فرصة للقسم لصرف طاقته فيما يفيده و يفيد غيره .
جائزة الصف :
تقدم الجائزة لصف واحد فقط بحسب ترتيبه في النقط ، و تقدم لكل فرد من ذلك الصف . أما عن شكل الجوائز فبحسب ما يراه المعلم مناسبا و بحسب طاقته ، قد تكون رمزية ( نقط إضافية مثلا ) أو عينية ( كتيبات مثلا ) ، المهم في اختيار الجائزة المناسبة أن يكون بحسب قدرتها على إشباع حاجة التلاميذ و الزيادة من دافعيتهم للتنافس بينهم في المراحل الموالية .
معايير التنقيط :
يتفق المعلم مع التلاميذ على المعايير التي سيعتمدها في تنقيط مكاسبهم ، و يخصص لكل معيار تنقيطا خاصا بحسب ما يناسبه .
و من المعايير التي يمكن اعتمادها :
ــ إنجاز الواجبات المنزلية ؛
ــ و الهندام ؛
ــ و تجنب الغياب و التأخر ؛
ــ و نقط الفروض ؛
ــ و نظافة الطاولات ؛
ــ و إحضار الكتاب المدرسي و الأدوات ؛
ــ ... إلخ .
من أهداف توظيف الحس الجماعي :
ــ تنمية و تعزيز الحس الجماعي و حس المسؤولية الذاتية و الجماعية ؛
ــ و إخراج بعض التلاميذ من عزلتهم عن الآخرين و جعلهم في قلب اهتمام المجموعة ( خاصة المتميزين في التفوق أو التعثر ) ؛
ــ و تنمية و تعزيز قيمتي التعاون و المنافسة ؛
ــ و الرقي بمستوى الانضباط و احترام القوانين ؛
ــ و الرقي بالتحصيل الدراسي للتلاميذ ؛
ــ و التخفيف من حدة الضغط النفسي الذي يكابده المعلم يوميا داخل قسمه ؛
ــ و التخفيف من أعباء المعلم اليومية لأجل التفرغ أكثر لأنشطة صفية أخرى .
مشاهد محتملة عند توظيف الحس الجماعي :
ــ تلميذ من الصف لم يحضر كتبه أو أدواته المدرسية : سيحاصره أصحابه بالعتاب و التوبيخ ، أو قد تعبر له صراحة على عدم الرضا ، ثم يتحرك كل أفراد المجموعة برئاسة مكلف الصف لتوفير ما يلزم صاحبهم حتى لا تسجل على الصف كله نقطة سلبية .
ــ تلميذ حصل على نقطة سلبية في أسئلة المراجعة اليومية أو في الفرض ، ستحاصره نظرات أو كلمات أفراد فريقه ، و سيحاول أن يكون عند حسن ظن أصحابه في الفرصة اللاحقة ، كما سيتعلم أصحابه الدرس منه ببذل جهدهم لتجنب توبيخ الجماعة ... و قد تتطوع المجموعة بتقديم دعم للمتعثر حتى لا يعرض الفريق كله للخسارة .
ــ قد يقوم أحد أعضاء الفريق بسلوك سلبي أثناء الحصة . هذه المرة لن يتركه صاحبه إلى جواره يفعل ما يشاء كما هي العادة الآن ، بل سيبادر إلى منعه ..، بل الفريق كله سيبادر إلى منعه في إطار المسؤولية الجماعية الملقاة على عاتق الجميع .
* * * * *
هذه الطريقة يمكن الاشتغال عليها كذلك حتى على مستوى المؤسسة بحسب الأقسام ، أو على مستوى النيابة بحسب المؤسسات ، و هكذا دواليك ... المهم هو أن نوظف الحس الجماعي و قوة تأثير الأقران فيما فيه مصلحة العملية التربوية برمتها .
* * * * *
إخوتي الكرام ، هذه فكرة تلح علي منذ مدة ، غير أنها في الحقيقية لم تختمر بعد . و ما زلت إلى حد الساعة أتردد في تجريبها عمليا رغبة في تمحيصها أكثر . لهذا السبب أعرضها عليكم قصد مناقشتها و إبداء ملاحظتكم ؛ أريد الآن تقاسم جهد التفكير فيها معكم للخروج بها ناضجة يمكن تطبيقها بثقة أكبر .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق